روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | رحلة البحث عن الروح

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > رحلة البحث عن الروح


  رحلة البحث عن الروح
     عدد مرات المشاهدة: 2565        عدد مرات الإرسال: 0


ولدت في لندن من أب يوناني قبرصي وأم سويدية، أحوالنا المادية كانت عادية، ذهبت إلى مدرسة للروم الكاثوليك حيث لا معلومات على الإطلاق عن الديانة الإسلامية، فالمسيحية لا تعترف بأن هناك رسولا من الخالق بعد عيسى عليه السلام الذي تعتبره هو آخر الأنبياء.

هذا ما علمونا في المدارس، ولهذا لم نحاول البحث والدراسة وإستقصاء مثل هذه الحقائق المسلم بها في الدين المسيحي.

دراستي كانت عادية ولكني كنت موهوبا منذ البداية، فالله سبحانه وتعالى أعطاني موهبة غير عادية، فقد كنت أرقص وأعزف، وأغني وأنا في التاسعة من عمري، وأجعل جميع من حولي سعداء، رغم أنني كنت طفلا خجولا أميل إلى الوحدة والإنطواء، ولكني كنت دائما أخطط لكي أكون فنانا، ولهذا إتجهت كل عواطفي وأحاسيسي للرسم.

عندما بلغت الخامسة عشرة من عمري بدأت أهتم بالموسيقى ولاحظ والدي هذا الإهتمام، واشترى لي قيتارة بعد ضغوط شديدة، وبعد أقل من عامين تقدمت كثيرا في الموسيقى وبدأت أكتب الأغاني وألحنها وأغنيها.

وفي سن 17 عاما طرحت في الأسواق أول شريط غنائي يحمل إسمي وانتشر هذا الشريط إنتشارا كبيرا، ولقي إقبالا جماهيريا منقطع النظير، وبعدها بدأت الشهرة تتسلل إلى حياتي ومع الشهرة جاءت الأموال والأضواء، وبدأت أنغمس في حياة اللهو والملذات الرخيصة من خمر ونساء، وكانت النتيجة أن أصبت بمرض السل وذهبت إلى المستشفى.

في المستشفى وأنا على سرير المرض بدأت بحثي الروحي، أفكر في عظمة الخالق، والمعجزات الإلهية، أدركت أن جسدي مجرد آلة سيذهب وسيندثر، وأن الحياة الدنيا هي مجرد إختبار لنا، ولا بد أنها زائلة.

أحد الأصدقاء لاحظ هذا القلق الذي ينتابني وأهداني كتابا إسمه الطريق إلى المجهول، وكان هذا الكتاب وهو من الكتب التي تبحث في الروح والغيبيات أول كتاب من نوعه أقرؤه وهو من كتب اليوجا على أي حال كان له الفضل في فتح عيوني على الحياة الآخرة.

بعد ذلك بدأت أبحث وأقرأ كتب الفلسفة والأديان وصرت تدريجيا أخرج من الظلام..وازدادت تساؤلاتي وتعمقت، وإنعكس كل ذلك على أغانيَّ.. وبدأت أكتب أغاني أكثر عمقا من حيث معانيها وإتجاهها للحقيقة، وكانت أشرطتي في هذه المرحلة لتحقيق هدف.

قرأت عن البوذية والأديان الأخرى، لكني لم أقتنع بأي من الصيغ، وقررت أن أصنع لنفسي ديناً خاصاً! بعد أن يئست من الديانات الأخرى.

أغانيَّ العميقة المعاني حققت نجاحا كبيراً خصوصاً على صعيد الموسيقى والأداء، وأعجب بها عدد كبير من الناس في أمريكا بسبب آلية الحياة والسيطرة المادية عليها، وتضاعفت شهرتي وعملت عدة تسجيلات أثريت من ورائها بشكل كبير وأصبحت في عداد الأغنياء ورغم ذلك أحسست أنه ينقصني شيء ما يجب أن أبحث عنه.. وقررت ألا أدع هذه الشهرة والأموال التي إنهالت عليَّ بأن تحرمني من بحثي للعثور على الحقيقة.

بدأت أعزل نفسي عن الحياة الإجتماعية تدريجيا شقيقي ديفيد سافر إلى القدس لزيارة الأماكن المقدسة وكان المسجد الأقصى هو من بين الأماكن المقدسة التي زارها.

ووصف المناخ داخل المسجد بأنه مختلف تماما عن الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية.. تساءل عن الأسباب فقد إنتابه إحساس روحي غريب شعر بالسلام والأمن لأول مرة في حياته، سأله أحد المسلمين عما إذا كان مسلما أم لا فعندما أجاب بأنه مسيحي طلب منه مغادرة المسجد، ولكن هذا الطرد لم يؤثر في نفسيته وحبه للإسلام.

عندما عاد أخي من رحلته حدثني عن كل ما شاهده وعن الأحاسيس التي إنتابته داخل المسجد الأقصى وأهداني نسختين من القرآن الكريم أحدهما بالعربية والأخرى بالإنجليزية أحضرهما معه من القدس، لأنه يعرف إهتماماتي بالأديان والبحث عن الحقيقة وكانت هذه الهدية هي الكنز الذي أثرى حياتي وجعل لها طعماً آخراً.

بدأت أقرأ القرآن، وفي كل مرة أشعر بإرتياح وأحس كما لو أن الكتاب كتب لي، ولم أشعر بالإرتياح إلا بعد أن فرغت من قراءته كله وأدركت أن الإسلام هو الديانة التي أبحث عنها.

ووجدت فيها الإجابات عن كل تساؤلاتي، بعدها قرأت عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأثَّرت فيَّ سيرته وشخصيته تأثيرا كبيرا.. مكثت عاما ونصف وأنا أقرأ عن الإسلام دون أن إختلط بأي مسلم أردت أن أتعرف على هذه الديانة بنفسي دون أن أتأثر بأحد، وأحمد الله على ذلك لأني لو حدث وإختلطت ببعض المسلمين لتعرفت على الخلافات بينهم وأشياء كثيرة أخرى للأسف.

بعد هذا العام ونصف العام لم أفكر في أي شيء إلا أن أكون مسلما، وتملكني إيمان راسخ بأن الإسلام هو ديني، وآمنت بمعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن جميع الناس يولدون على الفطرة الإسلامية، وأن أسرهم تغير دياناتهم.

صرت أصلي مرتين في اليوم وفقا لما فهمت من القرآن فلم أتعرف على السنة المحمدية بعد أحد المسلمين دلني على جامع ريجنت بارك بلندن، فذهبت إلى هناك، وفي أحد أيام الجمع قابلت إمام المسجد عام 1977 وأسلمت على يديه.

توقفت عن الشراب تماما وإمتنعت عن التدخين لأن أحد المسلمين قال لي أن التدخين حرام وأن المسلم يجب ألا يدخن، قطعت علاقاتي النسائية جميعها، وزيادة في التأكيد على التزامي بالإسلام عدلت عن الإمتناع عن أكل اللحوم لأني كنت نباتيا.

بعد أن قرأت القرآن بدأت أصلي خمس مرات في اليوم وأدفع الزكاة عن أموالي.

السؤال الذي يحيرني الآن! وأبحث له عن إجابة هو: ماذا أفعل بموهبتي الموسيقية؟! وكيف أسخرها لخدمة الإسلام؟!... توقفت عن الحفلات الموسيقية وإنتاج الأغاني ريثما أجد حلا لهذه التساؤلات، جمال القرآن من حيث المعاني والموسيقى أغناني عن كل شيء.

سمعت آراءً مؤيدةً للموسيقى وأخرى معارضة، البعض قال إنها حرام ومشجعة على الغواية ويجب التوقف عنها، أما البعض الآخر فقال أنها حلال وينبغي أن تستخدم لخدمة الإسلام، ولا زلت لم أقرر بعد أي الرأيين أتبع.. ولكني توقفت ريثما أجد حلاً، فقد رأيت في المنام أن الموسيقى حرمتني من العبادة، ورأيت النار وأن الشيطان من الممكن أن يستخدم الموسيقى للغواية.

أهم شيء بدأت أفعله هو تعلم اللغة العربية لغة القرآن والرسول محمد عليه السلام، بدأت أتعلم، وبدأت أيضا أبحث عن زوجة مسلمة صالحة.

في عام 1979 قمت بأداء العمرة، وبعد العمرة وزيارة الأماكن المقدسة وجدت لنفسي زوجة مسلمة صالحة وتزوجت في المسجد على الطريقة الإسلامية، تعرفت على زوجتي من خلال أسرتها، والدها تركي مسلم وأمها أفغانية، وتعيش العائلة في لندن، الزواج كان مرتباً.

الله كان كريماً معي للغاية، فقد عرفت الآن طعم السعادة الحقيقية، كنت أبحث عن زوجة فاضلة وليس عن زوجة جميلة، وأدركت الآن أنني إخترت الطريق الصواب، وأن الجمال في المرأة ليس أهم شئ وإنما الإيمان والفضيلة هما الأساس.

موهبتي هي الكتابة والتلحين، وأنا الآن أتعلم العربية لأقرأ القرآن وأتذوق حلاوته ومعانيه.

أقوم حاليا بوضع كتب عن الإسلام لإستغلال شهرتي في الدعوة لديني، أعتقد أننا يجب أن نركز على أطفال المسلمين في الغرب نرشدهم إلى الطريق الصواب فالمغريات كثيرة والدعاية المضادة قوية، لذلك وضعت عدة أشرطة لتعليم أطفال المسلمين تعاليم الإسلام كونت وبعض المؤمنين حلقة إسلامية نقرأ القرآن ونناقش طرق الدعاية للإسلام.

أعتقد أن الصلاة في أوقاتها هي أهم ركن من أركان الإسلام، فالحفاظ على الصلاة في مواعيدها هو أكبر تحصين للإنسان وإسلامه، ولذلك أواظب عليها وأشعر براحة وطمأنينة غير عادية بعد كل صلاة.

في الغرب صُدموا عندما توقفت عن الغناء وأسلمت، بدؤوا يتساءلون كيف تغيرت، وسائل الإعلام كلها صمتت، لم تعد تلهث خلفي مثلما كانت، ولم تتحدث عن إسلامي تجاهلوني كليا، لا يريدون أن يروا النور، أجهزة الإعلام في الغرب يديرها يهود، وهم يملكون جميع المفاتيح وتجدهم في كل مكان.

القدس هي طريقي للإسلام ومن غريب الصدف أنني ذهبت إلى القدس بعد أن أهداني أخي القرآن وكان دليلي يهودي ألماني ردة فعلي مختلفة تماماً عن ردة فعل أخي.

سألوني إذا كنت مسلما فأجبت بالإيجاب فإحتضنني المسلمون في المسجد الأقصى وبكيت وصليت، القدس هي قلب العالم الإسلامي، فإذا كان هذا القلب عليل فإن العالم الإسلامي كله مريض أما إذا شفي هذا القلب فإن الجسم كله سيشفى ويقوى وعلينا أن نحرر هذا القلب كمسلمين.

الشعب الفلسطيني يجب أن يتمسك بإسلامه ودينه وصلاته، وأنا واثق أن الله سيقودهم إلى النصر.

تسألني عن إسمي، أخذت اسمي من سورة يوسف، وهي السورة التي كانت طريقي إلى الهداية فقد بكيت عندما قرأت هذه السورة.

وبالنسبة لأسرتي فوالدي توفي عام 1978، ومات وهـو راض عني، فهو يعرف الإسلام ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أما أخي فلا زال يكافح وهو يريد أن يتعمق ويقرأ، وأنا واثق أنه مسلم في أعماقه، ولكن الأمر يحتاج إلى وقت، والله يهدي من يشاء.

من كتاب كات ستيفنس من مغن إلى الداعية. د. مهدي قاضي.

المصدر: موقع ياله من دين.